responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 171
جرم ذكر اللَّه تعالى لفظ عَامًّا يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ فَقَالَ: حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ: حَتَّى يُهَاجِرُوا عَنِ الْكُفْرِ، بَلْ قَالَ: حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ مُهَاجِرَةُ دَارِ الْكُفْرِ وَمُهَاجِرَةُ شِعَارِ الْكُفْرِ، ثُمَّ لَمْ يَقْتَصِرْ تَعَالَى عَلَى ذِكْرِ الْهِجْرَةِ، بَلْ قَيَّدَهُ بِكَوْنِهِ فِي سَبِيلِ اللَّه، فَإِنَّهُ رُبَّمَا كَانَتِ الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَمِنْ شِعَارِ الْكُفْرِ إِلَى شِعَارِ الْإِسْلَامِ لِغَرَضٍ مِنْ أَغْرَاضِ الدُّنْيَا، إِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ وُقُوعُ تِلْكَ الهجرة لأجل أمر اللَّه تعالى.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً [النساء: 89] . وَالْمَعْنَى فَإِنْ أَعْرَضُوا عَنِ الْهِجْرَةِ وَلَزِمُوا مَوَاضِعَهُمْ خَارِجًا عَنِ الْمَدِينَةِ فَخُذُوهُمْ إِذَا قَدَرْتُمْ عَلَيْهِمْ، وَاقْتُلُوهُمْ أَيْنَمَا وَجَدْتُمُوهُمْ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلِيًّا يَتَوَلَّى شَيْئًا مِنْ مُهِمَّاتِكُمْ وَلَا نَصِيرًا يَنْصُرُكُمْ عَلَى أعدائكم.

[سورة النساء (4) : آية 90]
إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (90)
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِقَتْلِ هَؤُلَاءِ الكفار استثنى منه موضعين، الأول قوله تعالى:
[إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ] وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي قَوْلِهِ: يَصِلُونَ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: يَنْتَهُونَ إِلَيْهِمْ وَيَتَّصِلُونَ بِهِمْ، وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَنْ دَخَلَ فِي عَهْدِ مَنْ كَانَ دَاخِلًا فِي عَهْدِكُمْ فَهُمْ أَيْضًا دَاخِلُونَ فِي عَهْدِكُمْ. قَالَ الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّه: وَقَدْ يَدْخُلُ فِي الْآيَةِ أَنْ يَقْصِدَ قَوْمٌ حَضْرَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَتَعَذَّرَ عليهم ذلك المطلوب فيلجئوا إِلَى قَوْمٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَهْدٌ إِلَى أَنْ يَجِدُوا السَّبِيلَ إِلَيْهِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ: يَصِلُونَ مَعْنَاهُ يَنْتَسِبُونَ، وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ أَكْثَرُهُمْ كَانُوا مُتَّصِلِينَ بِالرَّسُولِ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ مَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ أَبَاحَ دَمَ الْكُفَّارِ مِنْهُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَهْدٌ مَنْ هُمْ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ هُمُ الْأَسْلَمِيُّونَ فَإِنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ، فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَادَعَ وَقْتَ خروجه إلى مكة هلال ابن عُوَيْمِرٍ الْأَسْلَمِيَّ عَلَى أَنْ لَا يَعْصِيَهُ وَلَا يُعِينَ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ وَصَلَ إِلَى هِلَالٍ وَلَجَأَ إِلَيْهِ فَلَهُ مِنَ الْجِوَارِ مِثْلُ مَا لِهِلَالٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ بَنُو بَكْرِ بْنِ زَيْدِ/ مَنَاةَ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُمْ خُزَاعَةُ وَخُزَيْمَةُ بْنُ عَبْدِ مَنَاةَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ بِشَارَةً عَظِيمَةً لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا رَفَعَ السَّيْفَ عَمَّنِ الْتَجَأَ إِلَى مَنِ الْتَجَأَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، فَبِأَنْ يَرْفَعَ الْعَذَابَ فِي الْآخِرَةِ عَمَّنِ الْتَجَأَ إِلَى مَحَبَّةِ اللَّه وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ كَانَ أَوْلَى واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَوْضِعُ الثَّانِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 10  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست